بسم الله الرحمن الرحيم ؛ أما بعد :
فمن يعرف المعتزلة يعلم أنهم يلزمون مخالفيهم
الكفر لأنهم خالفوهم في توحيدهم وعدلهم
فمخالفيهم في توحيدهم إما مشبهة أو مجسمة
أو يلزمهم تعدد القدماء
فهذا (الصارم
المعتزلي) يقول في أحد أجوبته : يا أشعري اتق الله ، أتقول أنها واجبة بالذات كالسنوسي
(وهو إمام أشاعرة المغرب في وقته) أم بالغير ؟ ، فإن قلت بالذات جوّزت قيامها بنفسها بدون
الله وهذا شرك ، فما ثم موجود قائم بذاته إلا الله تعالى
، وإن قلت بالغير كالإيجي (وهو إمام أشاعرة المشرق في وقته) جعلت الله مركباً.
وسئل :
من أين جاءت فكرة تعدد الصفات يؤدي لتعدد الذوات اذكر لي مناسبة هذه العبارة المشتهرة
لديكم ؟
- لأن مثبتي الصفات يقولون أن الصفة معنى "وجودي" .. "زائد على
الذات" قائم فيها
ويقول :
عند ابن تيمية الله مركب.
فالصفاتية (أي
الأشاعرة والسلفية وغيرهم) عندهم بين الشرك أو التركيب
ومن خالفهم في عدلهم والقضاء والقدر صار
جبريًّا ، فالصارم لما سئل عن الأشاعرة قال "هم
جبرية" وفي أجوبته قال " ابن تيمية ينكر على الأشاعرة الجبر وهو جبري"
كذلك سُئل :
المعتزلة يقولون أن الإنسان يخلق أفعاله
وهو من يجعلها محدثة، صحيح ؟
- نعم ، وما الإشكال ؟ أتظن أن الله يوجهك كروبوت ؟
فهو يرى التلازم بين من يقول أن الله هو
خالق أفعال العباد وبين الجبر الذي عبر عنه بقوله بـ"يوجهك
كروبوت"
والقول بأن الله هو خالق أفعال العباد هو
قول الأشاعرة والسلفية ، فالدرير يقول في الخريدة الفعل ليس مخلوقا إلا لله وفي شرح
الواسطية للهراس "قال أهل الحق أفعال العباد بها
صاروا مطيعين وعصاة وهي مخلوقة لله"
والقاضي عبدالجبار المعتزلي يلزم من قال
بقول الأشاعرة والسلفية بالكفر فهو يقول في شرح الأصول الخمسة ص771 :
"إذ قد عرفت ذلك وسألك سائل عن أفعال العباد أهي بقضاء الله تعالى وقدره
أم لا ؟ كان الواجب في الجواب عنه أن تقول إن أردت بالقضاء والقدر الخلق فمعاذ الله من ذلك ، وكيف تكون أفعال العباد مخلوقه لله وهي موقوفة
على قصورهم ودواعيهم"
ثم قال بعد ذلك :
"فلو كان أفعال العباد كلها بقضاء الله تعالى وقدره للزم الرضا بها أجمع
وفيها الكفر والإلحاد ، والرضى بالكفر كفر"
فتبين من حيث الإجمال أن المعتزلة يُلزمون
أكثر المسلمين (وهم الأشاعرة والسلفية) الكفر ، وليس ذلك فقط فالصارم يتمنى لـ أحد
المغردين الذين ابتلوا بالغلو في التكفير أن يعتقل ويستباح دمه وماله ولما اُعترِض
على كلامه قال :
"إي عادي أتمنى ، لكن ما أقول أنه كمرتد من دين الله وكافر في جهنم لأنها
ليست ملك أبوي"
لكن يبدو أن المعتزلة كانوا يحسبون أن النار
ملك لآبائهم فالصارم نفسه يقول : "جمهور المعتزلة
في أن أصحاب الجمل كلهم في النار إلا عائشة وطلحة والزبير"
والآن أنقل أقوال الجشمي المعتزلي في مخالفي
المعتزلة التي قالها في كتاب (رسالة إبليس إلى إخوانه
المناحيس)
"جهاد أهل البدع -وهم المجبرة والمشبهة- فمن أهم الأمور وفرض على الجمهور" - ص9
"فلا فتنة أكبر من فتنتهم ولا ضلالة أعظم من ضلالتهم ، حيث شبهوا الله
بخلقه وأضافوا القبيح إلى صنعه"
"وقد بلغنا عن رسول الله -صلى الله عليه
وآله وسلم- في ذم المبتدعة آثار جمة ، فقال -صلى الله عليه وسلم- من
وقّر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام"
"وقال لعائشة وقد سألته عن قول الله تعالى :
(إن الذين فرقوا دينهم) من هم ؟ قال- صلى الله عليه
وآله وسلم- هم أصحاب البدع من هذه الأمة ، يا عائشة
! لكل ذنب توبة إلا أصحاب البدع فإنه ليست لهم توبة ، أنا منهم بريء وهم من براء"
ويقول عن الصفاتية الذي قالوا (أن لله قدرة قديمة وعلم قديم وحياة قديمة) :
"هذا موافقة للمانوية في التثنية وللنصارى في التثليث ، وللطبائعية في
قدم الطبائع الأربعة وللمنجمين في القول بقدم الكواب السبعة"
وقال عمن يثبون الصفات الخبرية كاليد والوجه
وغيرها : "هذه عبادة الأوثان ونعوذ بالله من نزغات
الشيطان"
ويقول عن ما قام به القلانسي و ابن كلاب
ومن في طبقتهما (كالأشعري وغيره) من مجادلة المعتزلة : "وهل
هذا إلا نصرة عباد الأصنام وهدم الإسلام"
ويقول عمن يؤمن بالرؤية (وهم أكثر المسلمين) : "الرؤية توجب التجسيم والتجسيم يوجب الحدوث"
ويقول عمن هم سلف المجبرة ومن ضمنهم أهل
السنة : "أولهم الشيخ النجدي الذي ورّك الذنب
على ربه ، والثاني مشركو قريش ... وإن شئت من المتكلمين فخذ إليك : حفص الفرد وبرغوث
وضرار ويحيى بن كامل والقلانسي ومن الخلف ابن كلال وابن أبي بشر (أي أبو الحسن الأشعري) وابن
كرام"
ويقول : "إن
المجبرة حزب الشيطان وخصماء الرحمن"
ويحكي حكاية يقول فيها : "وذروا هؤلاء المجبرة فإنهم أعداء الله وأعداء رسوله" ونزل ، فتفرق الناس وهم يلعنون المجبرة.
ويقول : "فرق
الخوارج والنجارية والأشعرية والكرامية والرافضة وهم أهل البدع ، فلم يبق إلا واحد
وهم المعتزلة أصل الحق والدين"
ويقول : "أما
الاشعرية والكلابية فأكثر كلامهم غير معقول ... قالوا : فعل العبد خلق لله كسب للعبد
فإذ سئلوا عن ذلك لم يأتوا بمعقول ، وإنما فعلوا ذلك لأن غرضهم هدم الدين ومن قولهم
أن مع الله قدماء تسعة وما أطلق احد قبلهم ذلك"
ويقول عن أحد أئمة الأشعرية : "ولقد أقر بالإسلام ولكن شرع في إبطاله فصلًا فصلًا
ووافق جماعة من الكفار في أقوالهم"
ويحكي الجشمي حربًا بين الجن قامت بين المعتزلة
و نواصب الشام ومشبهة أذربيجان ومجبرة أصفهان ومرجئة كرمان وخوارج سجستان وحنابلة هراة
وخراسان وقرامطة عمان ورافضة قم وقاشان ومعهم جنود إبليس أجمعين ويصف هذه الحرب ويقول
:
"وسوينا الصفوف وأشرعنا الرماح والسيوف وهم مرة يتلون (إن ينصركم الله
فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده) ومرة (قاتلوا الذين لا يؤمنون
بالله ولا باليوم الآخر) ومرة (فقاتلوا أئمة الكفر)"
فمما تقدم من أقوال الجشمي نستطيع أن نفهم
لمَ قال الصميري المعتزلي (كما يحكيه عنه القاضي عبدالجبار) أنه إذا غلب الجبر والتشبيه في دار فهي دار كفر.
.
ردحذف